مَكْتَبَةُ قُصَصِ الشاعر والكاتب الْمَسْرَحِيَّ عَلاءَ مَحْرُوسِ مَرَسِي
*************************************
قَصَّةً قَصِيرَةً : القِدرُ
*************
تأليف : عَلاءُ مَحْرُوسِ مَرَسِي
*************************
أَشْتَدُّ الْفقرَ وَضَيِّقَ الرِّزْقِ فَقَالَتْ الزوجه لِزَوَّجَهَا أَلَمْ تَصْلِي فَقَالَ لَهَا بَلْ صَلِيتُ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ الْبَيْتَ لايوجد بِهِ طعامُ أَوْ رغيق خُبْزِ فَاضِيِ نَسِدُّ بِهِ الْجُوعَ مَاذَا أَنْتِ فَاعِلَ فَلَمْ يَرِدُ عَلَيهَا الزَّوْجَ وَقَالَ فِي سَرِيرَتِهُ الْحَمْدَ لله عَلَيِي كُلَّ الْخَيِّرَ الَّذِي مِحَنَ فِيه وَذَهَبَ مِنْ أَمَامَ زَوْجَتِهُ وَبَحْثَ عَنْ عَمَلِ هُنَا وَهُنَاكَ وَلَمْ يُحَالِفُهُ الْحَظَّ وَالْقَبُولَ فِي أََيُّ وَظِيفِهُ فَذَهَبَ الي مَسْجِدَ قَرِيبَا مِنْ مَسْكَنِهُ يَصْلِي ركعتان لله تَعَالِي وَيَدْعُوهُ بِأَنْ يَزِيحُ عَنْه الْهِمَّ وَيَأْتِيهُ بِالْخَيْرِ وَالرِّزْقِ فَأَفْرَغَ مِنْ صِلَّاتِهُ وَعِنْدَ خُرُوجَهُ فِي سَاحَةِ الشَّارِعِ أَمَامَ الْمَسْجِدِ بِخَطْوَاتِ لَيْسَتْ بَعيدَةُ وَجْدِ كَيَّسَا أَسَوَّدَا فَحَسْبَه كَيَّسَا مليئا بِمِخْلاَفَاتِ القمامه فَأَسْرَعَ وَقَالَ فِي نَفْسُه لِاِحْوَلَّ وَلَا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ فِيهَا أَيُّه لَوْ الْوَحَدَ إللي رَمَّا الْكِيسِ دة فِي الصُّنْدُوقِ بتاع الْقُمَامَةَ دِهُ قَرِيبَ كَانَ حيجري أَيُّه ؟!! فَمَا كَادَ إِنَّ وُصَلَ الْكِيسِ وألتقته مِنْ الأرض فَأُحِسُّ بِأَنَّه كِيسُ غَرِيبَا مابه ريحَةً كِمَامَهُ أَوْ خَفِيفَ مِثْلُ أكياس القمامه وَتَمالُكَهُ الْفُضُولَ وَكَشْفَ مَا الْمَسْتُورُ فِي هَذَا الْكِيسِ وَمَا بِدَاخِلِهُ وَالْعَجَبَ إِنَّه وَجْدِ بِدَاخِلِ الْكِيسِ طَفَلَ حَديثِ الْوِلاَدَةِ وَكَانَ مَلْفُوفَ فِي شَالِ حَرِيرِ مُقَصَّبِ بِاللَّوْنِ الذَّهَبِيِ وعندما أَلَمْسَ الطِّفْلُ فُوجِئَ بِصراخِهُ مِنْ شَدَّةِ البجوع وَرَعْشَةَ الْبُرْدِ فَأَخُذُّهُ فِي أَقَلُّ مِنْ الثانيه بِحِضْنِهُ وَأَدْفَأَهُ بأنفاسه الحنونه شفقَهُ عَلَيِي جِسْمَهُ الضَّعِيفَ وَأَسْرَعَ الي مَنْزِلَهُ وَأَطْرَقَ الْبَابُ عَلَيِي زَوْجَتِهُ الَّتِي كَادَ أَنْ يُغَشِّيَ عَلَيهَا مِنْ شَدَّةِ الْجُوَّعِ فَفَتَّحَتْ الْبَابُ وَهِي ضَاحِكَةً مُبْتَسِمَهُ لَأَنْ زَوْجَهَا قَدْ أُتِيَ الي الْبَيْتَ وَحامِلَا مَا لِذَا وِطَابَ وَإِنَّ كَانَ أُتِيَ بِحَبَّاتِ الْفُولِ أَوْ حُفَنَهُ مِنْ الْجُبْنِ أَوْ حُتِّي أَرْغَفُهُ فَارِغَهُ تَسِدُّ بيها جُوعَهَا فالما فَتَحْتَ الْبَابُ صَدَمَتْ بِصراخِ طِفْلِ عَلَيِي يَدِ زَوْجِهَا الَّذِي لايحمل سِوَيِي صراخَ طَفَلَا رَضيعَ لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ وَلَا يُمْلِكُ أَلَا صراخَ الْجُوَّعِ وَالْعَطَشِ فَدَخَلَ الْبَيْتِ وَقَالَ لَهَا هلومي وَأَسْرِعِي وَأَحْضِرِي أََيُّ شُيِّئَ لِهَذَا الطِّفْلُ الْمِسْكِينُ فَمَا أَنْ أَفْرَغَ كِلاَمَهُ أَلَا أَنْ رآي زَوْجَتِهُ لِتُمُلِّئَ الْبَيْتُ ضَحِكَا بِصَوْتِ مُرْتَفِعَا وَتَقَوُّلَ لَهُ مَا هَذَا وَكَيْفَ أَحَضَرَ طعامَا أَأَنْتِ صَادِقَ بِكَلاَمِكَ أَمْ أَنْتِ تَمْرَحُ بِكَلاَمِكَ أَيُوجِدُ بِالْبَيْتِ آكَلَ وَلَوْ كَانَ كَمْ تَقَوُّلَ مَا أَصْبَحَتْ عَلَيِي عذا الْحالَ ياارب رَحْمَتَكَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ !!! أَتَحَضُّرَ طَفَلَا رَضيعَ بَدَّلَا مِنْ أَنْ تَحْضَرَ طعامَا هَذَا وَاللهَ لايحتمل فَنَظَرَ الرَّجُلِ الي زَوْجَتِهُ وَقَالَ لَهَا أَحَمْدَي اللهَ ' رُبَّ الْعَالَمِينَ ' ودعبسي مَا ' فِي الْبَيْتِ ' فَسَوْفَ بِهُديِكَ اللهَ بِأََيُّ شُيِّئَ تَحْضَرِيهُ لِلْطِفْلِ الْباكِي فَقَالَتْ لايوجد طعامُ وَهَذَا الطِّفْلُ يازوجي يَحْتَاجُ الي لبنَ لِكَيْ يَسِدُّ جُوَّعُهُ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجَ خُذِّي هَذَا الطِّفْلُ وَسَوْفَ يهديني اللهَ وَأَجِدُ لَهُ شُيِّئَ ' فِي الْبَيْتِ ' وَجُمْلَتَهُ زَوْجَتِهُ وَمِنْ كَثْرَةَ الْبُكاءِ لِلْطِفْلِ حَانَتْ إِلَيه فأحتضنته بِغَرِيزَةِ اِلْأَمْ وَبَعْدَ لَحْظَاتِ صَغِيرِهُ جَاءَ وَقَالَ لَهَا الزَّوْجَ لَمْ أُعْثَرْ عَلَيِي شُيِّئَ ' فِي الْبَيْتِ ' فَقَالَتْ الزوجه لَقَدْ عَرَّفَتْ مَاذَا سَوْفَ أَقدمَهُ لِهَذَا الطِّفْلُ الْمِسْكِينُ أَمُسُكَهُ وَسْمِيَّ عَلَيه فَقَالَ الزَّوْجِ ' بِسْم اللَّهِ '' الرَّحْمَن الرَّحِيمَ ' تَعَالِي الي حِضْنَي وَأُدْفِئُ جبدا وَإِنَّ ' شَاءَ اللَّهُ ' سَوْفَ يُطْعِمُكَ مَالَا يُغْفِلُ وَلَا يَنَامُ فَهُوَ وَحْدَةَ تَعَالِي يُطْعِمُ السَّمَكَةُ الْعمياءُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْماءِ فَهُوَ الْقَادِرَ وَبَعْدَ لَحْظَاتِ أَتَتْ الزوجه بِكُوبِ مِنْ الْمَاءِ الدافي فَقَالَ الزَّوْجِ هَلْ هَذَا طعامُ الظفل مَاءُ دافيئ فَقَالَتْ لَهُ أَنَّه مَاءُ مَحَلِّي بِبَعْضُ مِنْ السُّكَّرِ أفتكرته كَانَ فِي الأناء امخصص يُوجِدُ بَعْضُ مِنْ فتافيت السُّكَّرِ الَّتِي لاتذكر فَنَفْعَ هَذَا الي الطِّفْلُ الْمِسْكِينُ فَمَا أَنْ وَضِعَتْ الزَّوْجَةُ الملعقه فِي فَمِ الطِّفْلُ بَعْدَ مُلِئَهَا بِهَذَا الْمَاءِ وَالسُّكَّرِ أَلَا أَنْ الطِّفْلُ كَانَ مَلْهُوفَا وَكَانَتْ السَّعَادَةُ تَمَلَّأَ الزَّوْجَانِ فَرَّحَا حُتِّي أَفْرَغَتْ الزوجه مِنْ أَطعامِ الطِّفْلُ بِالْمَشْرُوبِ وَنَامَ نَوَّمَا عَمِيقَا قألبسته مِنْ مَلاَبِسِ زَوْجِهَا لِيُدْفِئُ وَغَرِقَ الطِّفْلُ فِي النُّوَمِ فَقَالَتْ الزوجه مَاذَا حَدَثُ فَقَصَّ عَلَيهَا الزَّوْجِ ماحدث لَهُ وَقدمَ إِلَيهَا الْكِيسِ الأسود فَأَخَّذَتْ الزوجه هَذَا الْكِيسِ مِنْ يَدِ زَوْجِهَا وَفَتْحَتَهُ فَوَجَدَتْ بِهِ لفافه مِنْ الْقُمَاشِ فَفَتْحَتَهَا فَوَجَدَتْ بِهَا خَرَزَهُ مُتَوَسِّطَةً الْحَجْمَ بَريقَهُ اللَّوْنَ شَفَّافَهُ فَقَالَتْ لِزَوَّجَهَا أَنَظَرَ مَاذَا وَجَدَتْ فَقَالَ لَهَا زَوْجِهَا مَا هَذَا أَنَّهَا قِطَعُهُ مِنْ مُجَوْهَرَاتٍ فَقَالَتْ لَهُ ' نِعْمَ اللَّهِ ' عَلَيهَا مَنْظَرَهَا جَمِيلَ جداااا وَرَائِعَ فَقَالَ لَهَا أَنَظَرَي فِي هَذَا الْكِيسِ فَهَلْ يُوجِدُ شُيِّئَ أَخَرَّ فَقَالَتْ لَهُ لايود أََيُّ شُيِّئَ سِوَيِي هَذِهِ الورقه فَقَالَ لَهَا أعطيني أَيُّهَا فلننظر مَا بِدَاخِلِهَا فَوُجْدَ بِدْ مَا فُتَحُهَا اللهَ حَلِيمٌ سَتَّارَ يُعْلِمُ ولانعلم يَأْتِي دَائِمَا بِالطِّيبِ ونسعي نَحْنُ بِغَيْرَه يُطْعِمُنَا وَيَسْقِينَا وَيَسْتُرُنَا وَنَحْنُ نغير مَا بأيدينا مِنْ خَيْرِ هَذِهِ أَغَلِيَّ مَا أَمَلُّكَ لِوَلَدِيِ هَذَا الْمُسَكِينَ فَيَمَّكُنَّ أَنْ تُبَاعَ هَذِهِ الألماظه الثمينه لَمِنْ يَعْثِرُ عَلَيِي أَبُنِّيَّ وَطَفَلَي الَّذِي حُرْمَتَهُ مِنْ مُتَعِ الْحَيَاةِ وَأَسْأَلُ رَبَّي أَنْ يرحمني وَأَسْتَحْلِفُ مِنْ يُرْبِي هَذَا الطِّفْلُ حينما يُكْبِرُ يَدَعُوا لِي بِأَنْ يسامحي اللهَ ويغفرلي وَقَدْ حَكَّمَتْ عَلَيِي نَفْسُِي بِأَنْ أَرِحَلَ مِنْ عَالِمِ الْفِتَنِ الي الأبد بِمَا جَارِفَتَهُ مِنْ ذَنْبِ فاليغفر اللهَ رِبِّيِّ ويرحمني فَتَأَثَّرُوا الزَّوْجَانِ بِالطِّفْلِ حُتِّي نَسَّتْ الزوجه الْجُوَّعِ وَشَدَّةً الْفقرَ وَقَالَتْ لِزَوَّجَهَا الْحَمْدَ لله ' رُبَّ الْعَالَمِينَ ' عَلَيِي النِّعَمَ الَّتِي أَعَطَاهَا اللهَ للأنسان فَوَهَبَهُ الْحَلالَ دَائِمَا بِأَنْ يَأْكُلُ اللُّحَمُ الطِّيبُ ذُو الرائحه الطِّيبَةَ والأنسان يُغِيرُهَا بأقذر اللُّحَمُ النَّتْنُ الَّذِي لايأكل وَلَا يَشِمُ مِنْهَا أَلَا الْعَفِنَ فَسُبْحَانَكِ يا اللهَ فَقَالَ الزَّوْجِ فَمَاذَا نُفَعِّلُ .. فَقَالَتْ لَهُ الزوجه سَوْفَ أَرُبًيَهُ وأأخذه أَبِنَا لِي ونعاهد أَنَفْسُنَا بِأَنْ لانخبر هَذَا الطِّفْلُ مَا حَيِيُّنَا بِقُصَّتِهُ ولنذهب الي بَلَدَ أَخِّرِي لايعلم بِنَا أَلَا اللهَ ونكون بِذَلِكَ نُدْبِرُ حالَنَا وَلَا يُعَرِّفُنَا أَحَدَّ وَفَعَّلَا فِي الصَّبَاحِ الْباكِرِ وَبَعْدَ ' أَذَان الْفَجْرِ ' والصلاه ذَهَبَ الزَّوْجَانِ الي بَلَدَ رِيفِي وَعَاشَا فِيهَا بَعْدَ مَا أَنَفَقُ الْمَالِ الَّذِي حَصَّلُوا عَلَيه مِنْ بِيَعِ الألماظه الَّتِي بَاعُوهَا فِي شِرَاءِ بَيْتِ صَغِيرِ وأشتروه مَعَ قراطين أَرَضَّ زَرَعُوا الْقُرْطَيْنِ وَفَلاَحَا فِيه وَزَادَتْ زَرْعَتُهُمَا وَبَاعَا الْمَحْصُولَ وَكبرَ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ بَيْنَهُمَا وَزَادَتْ الأرض وَذَادَتْ الْبَهائِمُ وَكَثَّرَتْ بِالْخَيْرِ وَالْبِرَكَةِ وَمُرْتُ الشهور وَالسِّنَّيْنِ وَفِي ذَاتُ يَوْمِ مِنْ الأيام أَصْبَحَ هَذَا الطِّفْلُ رَجَّلَا وَتَعَلُّمَ بالجامعه وَكَانَ فَاتِحَةً خَيْرِ عَلَيِي الزَّوْجَانِ الْفَقِيرَانِ وَكَانَتْ السَّعَادَةُ تَمْلَأُهُمَا فَرَّحَا بأبنهما الَّذِي صَارَ فِي الجامعه وَسُبْحَانَ اللهَ ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) تَمَّتْ
تَحِيَّاتُي وَأَرِقُ أَمَنِّيَاتِي
الشَّاعِرَ وَالْكَاتِبَ الْمَسْرَحِيَّ
عَلاءُ مَحْرُوسِ مَرَسِي